السبت، 16 فبراير 2013

النائب في تيار المستقبل غازي يوسف يروي ل الصياد تفاصيل مذهلة عن ملف النفط: لبنان تقدم بشكوى ضد شركة أميركية تنقب عند الحدود الجنوبية أمام القضاء الأميركي دراسة ١٢ موقعاً من أصل ٣١ تشير الى وجود قرابة ١٨ مليار برميل من النفط


مجلة الصياد – 18 شباط 2013 
موضوع النفط والتنقيب عن النفط والغاز يطغى اليوم على الساحة اللبنانية، ويشكل نقطة خلافية حول الصلاحيات بين مجلس الوزراء والمجلس النيابي وهذا الملف غارق في بحر من المواقف والآراء والتقديرات والتخمينات منذ العام ٢٠٠٠ وحتى اليوم وكان لكل وزير تولى مهام وزارة الطاقة رأي وموقف يختلف عن رأي زميل له سبقه في تحمل مسؤولة الوزارة... وازاء موجات المواقف والآراء رأت الصياد ان تحاور النائب في تيار المستقبل غازي يوسف الذي رافق ملف
النفط والتنقيب عنه في المياه الاقتصادية للبنان وعمليات المسح الزلزالي ووضع مشروع قانون للنفط حديثاً منذ ان كان مستشاراً اقتصادياً للرئيس الشهيد رفيق الحريري في العام ٢٠٠٠ ومن ثم اميناً عاماً للمجلس الأعلى للخصخصة انيط به ملف النفط الى اليوم بعد ان اصبح نائباً عن بيروت. 
النائب غازي يوسف قدم شرحاً مفصلاً عن ملف النفط والغاز وأضاء على أدق التفاصيل مستنداً الى معايير وقواعد حسابية وعلمية مبنية على مسح زلزالي للمياه الاقتصادية للبنان من الجنوب الى الشمال وحتى حدود المياه الاقليمية لجزيرة قبرص والذي اجرته اهم وأكبر الشركات في العالم.
 
وكشف النائب غازي يوسف عن ان لبنان تقدم بشكوى ضد الشركة الأميركية التي تقوم بالتنقيب عند الحدود البحرية اللبنانية مع فلسطين المحتلة أمام المحاكم الأميركية لحفظ حق لبنان.
 
وأشار النائب يوسف الى ان الشركة الانكليزية التي قامت بالمسح لحوالى ١٢ موقعاً اكدت وجود غاز وبترول وهناك امكانية عالية جداً لوجود نفط بكميات تقارب ١٨ مليار برميل، والمواقع التي درست منها ما هو قريب من الشاطىء اللبناني وانتقد النائب غازي يوسف مواقف وتصرفات بعض الوزراء الذين تولوا حقيبة وزارة النفط مثل الوزير أيوب حميّد والوزير جبران باسيل، ان بالنسبة الى المسح الزلزالي وان بالنسبة الى مشروع قانون النفط والصندوق السيادي...
 
والى تفاصيل الحوار مع النائب غازي يوسف:
 


موضوع النفط والتنقيب عن النفط في لبنان يحكى عنه منذ سنوات ماذا لديك حول هذا الملف وأنت تتابعه منذ ما قبل ٢٠٠٥؟ مرات يقال النفط موجود في المياه الاقليمية اللبنانية ومرات في سحمر ويحمر في البقاع؟
 
- انا دخلت على موضوع النفط في لبنان والتنقيب عن النفط عندما عملت مع الرئيس الشهيد رفيق الحريري في العام ٢٠٠٠ عند عودته الى سدة رئاسة مجلس الوزراء بعد الانتخابات النيابية العام ٢٠٠٠. وكنت يومذاك مستشاره الاقتصادي، ومن ثم عينت اول امين عام للمجلس الأعلى للخصخصة، وكان هناك ملف في وزارة الطاقة، وهو ملف قديم جامد، وقد حرك من قبل شركة انكليزية طلبت ان تقوم بتحديد التضاريس الجيولوجية تحت المياه اللبنانية عن طريق مسح زلزالي ثنائي الأبعاد.
 
طلبت الشركة من وزارة النقل ان تقوم بهذا العمل فأتى آنذاك وزير الطاقة والمياه الدكتور محمد بيضون وجلس مع الرئيس رفيق الحريري وقال له ان هناك امكانية لدرس هذا الموضوع. الرئيس الحريري تلقف الأمر بسرعة وقال للدكتور محمد بيضون: كيف يمكن ان تساعد، طبعاً نحن ليس عندنا القدرة المادية حتى نتعاقد مع شركة تقوم بهذا العمل، وان تتسلم هذا الملف؟ وتم الاتفاق بين الرئيس رفيق الحريري والوزير محمد بيضون على ان تتم متابعة هذا الملف عن طريق المجلس الأعلى للخصخصة ويتم تمويل هذه الشركات من خلال هذا المجلس الذي كان الوزير عضواً فيه، طبعاً لأن هذا موضوع موجود لدى وزارة الطاقة والكهرباء والبترول وان نستخدم الطاقة او الطاقات الموجودة لدى المجلس الأعلى للخصخصة.
 
فعلاً اتى هذا المشروع الى المجلس الأعلى للخصخصة، وقد اخذت قرارات بشأنه، منها التعاقد مع شركة سباكتر الانكليزية للقيام بالمسح الزلزالي، والتعاقد مع شركة متخصصة انكليزية ايضاً للقيام بدور تقديم الاستشارات لمقاربة هذا الموضوع الذي هو جديد علينا... بمعنى انه بعد المسح الزلزالي ما هي الخطوة الثانية التي يجب الاقدام عليها وكيف نتقدم للمشروع من اجل التنقيب والحصول على الثروات الطبيعية وحماية هذه الثروات.
 
وماذا حصل بعد انجاز هذه الخطوات؟
 
- اشير علينا بأنه يجب ان نقوم بتحديد وترسيم الحدود البحرية للبنان والتي لا تقتصر فقط على المياه الاقليمية، بل تتعداها الى ما يسمى المياه الاقتصادية الخاصة. فتعاقدنا مع شركة عالمية عن طريق محامي المجلس الأعلى للخصخصة وهي من اكبر الشركات في العالم التي تقوم بترسيم الحدود البحرية وفض النزاعات. أتت هذه الشركة الى لبنان ورسمت حدودنا في الشمال وفي الجنوب الى ان وصلت الى ٥٠% اي نصف المسافة بين لبنان وأقرب بلد اي قبرص. وبعد ذلك عرض ملف ترسيم الحدود البحرية على المجلس الأعلى للخصخصة.
 
ألم تواجهكم صعوبات ومعارضة للمشروع يومها؟
 
- واجهت شركة سباكر محاربة طويلة عريضة، فيوم قرر رئيس الحكومة رفيق الحريري القيام بمسح زلزالي كانت هناك معارضة في مجلس الوزراء واتهمنا يومها بالتعامل مع الانكليز، كما كانت معارضة من قبل رئيس الجمهورية العماد اميل لحود آنذاك وأوقف المشروع. لكن الرئيس رفيق الحريري لعب دوراً مهماً وحاول اقناع الوزراء بأن الموضوع ليس فيه اي اشكال... وطلب مني الرئيس رفيق الحريري ان ابحث الموضوع مع نائب رئيس مجلس الوزراء يومها السيد عصام فارس. وبالفعل اتصلت بالرئيس عصام فارس فحدد لي موعداً واجتمعت به، والرئيس عصام فارس عنده مصالح بالبترول ولديه معرفة واسعة حول هذه الاعمال وعنده شركة في اميركا. فعرضت على الرئيس عصام فارس العرض والاتفاق واكدت له ان لبنان لن يدفع اي قرش وشركة سباكتر ستقوم بالمسح الزلزالي وسترفع لنا كل المعلومات وتسوق المعلومات في المستقبل للشركات التي تريد ان تأتي الى لبنان للتنقيب عن النفط. فدرس الرئىس عصام فارس الموضوع واتصل بشركته في اميركا وتحقق من ان الشركة التي تعاقدنا معها هي شركة مهمة وعندها قدرات كبيرة للقيام بهكذا اعمال واقنع الرئىس لحود بالمشروع. وبعد ذلك، وقعنا الاتفاق، وبعد ان انجزنا المسح الزلزالي ورسمنا الحدود، اشير علينا بان نبدأ التحضير لجولات استدراج الشركات العالمية لكي تنقب وان ذلك يستلزم ثلاثة اشياء:
 
- وجود قانون لان القانون الحالي قديم وهو يحدد نسبة الارباح من اي بترول يستخرج في المستقبل للدولة اللبنانية والتي هي طريقة قديمة غير مستعملة في القوانين الحديثة، فكان علينا وضع قانون للبترول.
 
- ان نأتي بشركة متخصصة لكي تأخذ هذه المنطقة التي مسحت والتي فيها اماكن علينا ان نجري فيها الاستطلاع للتنقيب عن النفط وتقسيم هذه المنطقة الكبيرة الى اقسام تقوم الشركات الاجنبية بالتنافس بين بعضها البعض للحصول على ترخيص للتنقيب في هذه الاماكن...
 
وهنا تعاقدنا مع شركة انكليزية هي من اهم الشركات الجيولوجية في العالم للقيام بتخمين المخزون البترولي. وآنذاك كانت المؤشرات تدل على ان هناك غازا، وفي حين كنا في مرحلة تطور هذه الملفات جاء رئيس مركز البحوث الدكتور معين حمزه وكانت عنده شركة فرنسية تمول برنامجا اسمه شاليمار عندها باخرة تستعمل تقنية اخرى غير المسح الزلزالي، تستعمل تقنية لمسح المياه الاقليمية القريبة من الشاطىء اللبناني لتحديد امكانية وقوع زلازل. مركز البحوث يهمه أن يعرف اذا كان هناك زلزال سيحصل وفي اية نقطة سيحصل والآثار التي يمكن ان يخلفها. في هذا الوقت اتصل بي الدكتور معين حمزه وطلب عقد اجتماع معي وتبادلنا المعلومات، ومن ثم اجتمعنا مع الرئيس الحريري واطلع الدكتور معين الرئيس الحريري على معلومات تقول انه خلال قيام الشركة الفرنسية بمسح لمعرفة امكانية حصول زلزال تبين ان هناك تضاريس يمكن ان تؤشر بوجود ثروات نفطية بحسب قول الجيولوجيين الفرنسيين فطلب مني الرئيس الحريري ان اتوجه الى فرنسا. وبالفعل، سافرت انا والدكتور معين حمزه الى باريس واجتمعنا مع الشركة الفرنسية، وقدمت لنا الشركة عرضا وطلبت الاطلاع على المعلومات التي لدينا والتي هي من اعمال الشركة الانكليزية. وبعد اعلام الرئيس الحريري بالامر اجرينا المقارنة فوجدنا ان هناك تطابقا بين معلومات الشركة الفرنسية والشركة الانكليزية، والتطابق كان هاما جدا، اذ دلت المعلومات لدى الشركتين ان هناك قبباً من الملوحات المتجمعة في قعر البحر وتدل على ان تحتها يوجد خزان نفط!
 
اعطينا هذه المعلومات للشركة الانكليزية التي قامت بالتخمين اخذت ٣١ موقعا بحسب المواقع الموجودة التي يمكن ان يكون فيها بترول، ودرست منها ١٢ موقعا، لمعرفة ما اذا كان هناك وجود للغاز. وبعد حوالى الشهرين من الدراسة، اتصلوا بي وقالوا لي ان التكليف الذي عندنا هو لدرس امكانية وجود غاز ولكن نحن وجدنا ان عندكم بترول، الغاز موجود ولكن البترول اهم من الغاز كثروة، وكان جوابي نحن نريد معرفة اذا كان عندنا غاز وبترول. فاستكملت الشركة الدراسة وانتهى العمل فيها اوائل العام ٢٠٠٤... اذا الدراسة انتهت في نهاية العام ٢٠٠٣ وسلموني اياها وقالوا انه في ١٢ موقعا جرى درسها تمكنت الشركة من ان تحدد بان هناك امكانية عالية جدا لوجود نفط بكميات تقارب ١٨ مليار برميل. طبعا قد يكون اقل وقد يكون اكثر. وهناك مواقع اخرى قد يكون فيها بترول، وهذه المواقع التي درست منها ما هو قريب من الشاطىء اللبناني في الجنوب وفي الوسط، ومنها في المناطق الاقتصادية التي هي ابعد من ١٨ ميلا، اي داخل المياه الاقتصادية اللبنانية، التي تقارب قبرص.
 
هذه المعلومات هل هي موثقة وموجودة رسميا ومعروفة من قبل كبار المسؤولين؟
 
- هذه المعلومات كاملة وموجودة لدى المجلس الاعلى للخصخصة ومتداولة بين الوزراء.
 
ممن يتألف المجلس الاعلى للخصخصة؟
 
- رئيس الوزراء يترأس المجلس الاعلى للخصخصة ويضم: وزير المالية، وزير العمل، وزير الاقتصاد. ثم يأتي الوزراء الآخرون، وزير الطاقة والمياه ووزير الاتصالات لدى البحث في مواضيع تتعلق بوزارتيهما.
 
وماذا حصل بعد ان تبين من خلال الدراسات ان لدى لبنان ثروات طبيعية من غاز وبترول؟
 
- كما هو معروف تغيرت الحكومة عام ٢٠٠٣. في العام ٢٠٠٣ اخرج الرئيس الحريري من حكومته الاولى ففي نيسان ٢٠٠٣ فرض عليه ان تستقيل حكومته ليؤلف حكومة جديدة بعد ان استبعدوا منها كل الوزراء المحسوبين عليه واعطوه فقط ثلاثة وزراء بقصد تحجيمه وهم من غير النواب. والوزراء الثلاثة هم سمير الجسر وفؤاد السنيورة ووزير دولة الدكتور بهيج طبارة وتشكلت يومها الحكومة خلال ٤٨ ساعة وذلك واضح ان الحكومة فرضت عليه وكانت معادية له.
 
تغير وزير الطاقة واتى وزير جديد هو الزميل ايوب حميد، الذي تدخل مع المجلس الاعلى لاكمال هذا الملف وكانت المفاجأة ان الوزير ايوب حميد قال: انا لست محمد بيضون وهذا الملف يجب ان يكون عندي وليس عند المجلس الاعلى للخصخصة. فقلت لمعالي الوزير: الملفات كلها عندي والتعاقد الذي يقوم به المجلس الاعلى للخصخصة هو لصالح الوزارة والحكومة وكل الملفات ترسل الى الوزير المختص. وسأل: مع من انتم متعاقدون من اجل وضع مشروع قانون للتنقيب عن الغاز والنفط. فقلنا له: مع محامي يعمل لحساب المجلس. فقال الوزير: انا سأكلف من يضع مشروع القانون. وسأل عن الشركة التي تقدم الاستشارات، فقلنا له إنها شركة انكليزية، فقال: لا انا عندي شركة. واخذ الملفات ووضعها في الجارور واتى بمستشارين، البعض منهم استدعي من قبل المدعي العام يومها عدنان عضوم بعد سنة وذلك بملفات مشبوهة.
 
ولكن كما هو معروف الرئيس الحريري حاول استجرار الغاز من مصر؟
 
- في العام ٢٠٠١ بدأ الرئىس الحريري يعمل على خط الغاز العربي واذكر انني سافرت مع الرئيس الحريري في اواخر العام ٢٠٠٠ الى مصر وكان يعمل لحل قضية الكهرباء وبحث مع المسؤولين المصريين حول استجرار الغاز عبر البحر من مصر الى لبنان وانشاء شركة خاصة. وكدنا نصل الى اتفاق مع المصريين، لكن خلال شهر تدخلت بعض الجهات مع الاردنيين الذين تساءلوا كيف يمكن استجرار الغاز من مصر ونحن الاقرب للبنان؟ واستبدل ذلك باتفاق عربي يضم لبنان وسوريا والاردن مع مصر لاستجرار الغاز المصري عن طريق البر يصل الى سوريا ويدخل الى لبنان ثم يدخل الى سوريا من جديد ولكن جرى تحويل سير خط انبوب الغاز بفضل الضغوطات فصار يكمل سيره في سوريا على ان يعطى لبنان حنفية صغيرة في الشمال... هذا كله في زمن تولي ايوب حميد مهام وزارة النفط. يومها، قال الرئيس الحريري اذا حصلنا على الغاز من الشمال او من الجنوب علينا ان ندرس كيف يمكن ربط المعامل بالغاز... هذه الخطة التي يطرحها اليوم الوزير جبران باسيل هي نفسها خطة الرئيس رفيق الحريري، والخطة تشير الى انبوب غاز من الشمال الى الجنوب لربط معامل توليد الكهرباء ويومها وضعنا دفتر شروط لكن الوزير ايوب حميد اوقفه وقال انا سأضع دفتر الشروط. وشكل لجنة وأرسى المناقصة على شركة من الشركات التي جاء بها بنفسه.
 
نحن قمنا بالعمل على دراسة كاملة بأقل من مليون دولار مع اكبر شركات في العالم تقوم بتنفيذ خط الغاز البري من باكو الى تركيا هذه الشركة استبعدت تقنيا من قبل لجنة الوزير حميد واتت شركة اخرى قبضت ستة ملايين دولار وقامت بالعمل.
 
من ثم الشركة الانكليزية التي كانت تعمل على وضع مشروع قانون للتنقيب عن الغاز والبترول كبهالبرا وجاء بشركة اميركية وتعاقد معها بمبلغ مليوني دولار ومشروع القانون يشير الى ان كل شركة في المستقبل توقع مع لبنان للتنقيب عن النفط لها الحق ب ٣% من الانتاج... وصار الذي صار وطلعت الصرخة حول ما يجري في وزارة الطاقة واوقفت المشاريع كلها وجرى التحقيق مع الذين كانوا قيمين على الملفات. ولذلك، فالملف برمته تأخر من العام ٢٠٠٣ الى العام ٢٠٠٥ حينما تركته مع الرئيس الحريري حيث كان هذا النزاع القانوني وتحقيق حول الملفات في الوزارة بينما الملف الاساسي الحقيقي الذي هو ترسيم الحدود، تخمين المخزون والمسح الزلزالي كان قائما وكان المطلوب من يحمله ويتقدم به بشكل قانون واضح وصريح ومحق يحمي حقوق اللبنانيين بشكل خطة مبرمجة، خط الغاز، التوقيت، الوصل.
 
في العام ٢٠٠٥ نحن خرجنا من الحكم واتت حكومة الرئيس عمر كرامي وجاء الوزير موريس صحناوي على رأس وزارة الطاقة، وهو صديق بحثت معه في الملف، ولكنه كان يركز على ملف الكهرباء وقام بعمل مهم واستكمل العمل الذي كنا نقوم به، والعمل الذي نراه اليوم مع الوزير جبران باسيل هو الخلاصة التي اعتمدها الوزير موريس صحناوي من الدراسات التي كنا نحن نقوم بها في المجلس الاعلى للخصخصة مع الوزير محمد بيضون.
 
في ١٤ شباط ٢٠٠٥ اغتيل الرئيس رفيق الحريري وتغيرت الامور. جاءت حكومة الرئيس السنيورة الاولى وتولى الوزير فنيش مهام وزارة الطاقة، اخذ الملف ودرسه وقال انه لا يجوز توقيع عقد مع شركة مكتب محاماة لو كان عالمياً اميركياً يعطي الحق لسرقة ٣% من لبنان من مداخيله لصالح شركة او شركات اجنبية تقوم بالتنقيب عن النفط. وقال ان هذا الملف لا يجوز ان يمر. فأوفد احد مستشاريه وهو من حزب الله واوفد ايضا محامي المجلس الاعلى للخصخصة الذي كان القيم على المشروع الاساسي الى اميركا واجتمعا مع الشركة وتدخلت الحكومة الاميركية وألغت الاتفاق الذي كان سيفوتنا بالحائط. عندما الغي الاتفاق، تحررت الوزارة واصبح بإمكانها العمل بحرية. في هذا الوقت، جاء النروجيون واتصلوا بالرئيس السنيورة وعرضوا تقديم مساعدات تقنية لوضع قانون للتنقيب عن النفط في المياه الاقليمية وهم الاكثر تقدما في هذا المجال الوزير فنيش طبعا رفض. في نفس الوقت، جاءت شركة نروجية الى لبنان ووقعت عقدا مع الوزير فنيش على ان تقوم بمسح زلزالي ذي ابعاد ثلاثة وهو ادق لاي شركة تنقيب عن النفط ستعتمد على هذا المسح الزلزالي في المناطق التي فيها امكانية وجود نفط والتأشير الى المكان الافضل لحفر البئر، لا سيما وان المنطقة التي يجري فيها التنقيب كبيرة. واخذت الشركة النروجية حق المسح الثلاثي الابعاد واخذت حصرية حق بيع المعلومات للشركات، واعطونا مقابل ذلك الحكومة النروجية المساعدة التقنية لوضع قانون للتنقيب عن النفط. ومن العام ٢٠٠٥ الى ٢٠٠٧، جرى العمل على القانون. ويوم حصلت المشكلة داخل الوزارة اعتكف الوزير فنيش.. وتولى مهام وزارة الطاقة الوزير محمد الصفدي واكمل العمل وانتهى وضع مشروع القانون باللغة الانكليزية خلافا لما يقول الوزير جبران باسيل عندما سألته في مجلس النواب عن مشروع القانون، فقال باسيل: ابدا القانون لبناني ووضعناه باللغة العربية. وكان بذلك يدافع عن الوزير طابوريان... ويوم جاء الوزير طابوريان على رأس وزارة النفط وضع الملف في الجارور وطلع بمشروع جديد، وقال يومها انه سيعتمد على انشاء معمل على الفحم الحجري. واضعنا سنة كاملة في الحوار معه بملف وضعه في الدرج هذا الملف اخرجه الوزير باسيل من الدرج والذي يتبناه اليوم جبران باسيل كنا نحن نعتمده في السابق حتى بملف النفط. الرئيس السنيورة ما استطاع تخطي الوزير يومها وقال له تفضل هذا هو القانون الذي وضعه النروجيون عليك ان تترجمه وان ترسله الى مجلس الوزراء حتى يدرسه ويرسله الى مجلس النواب.
 
اخذ الوزير الملف وامضى اربعة اشهر ونصف حتى ترجمه الى اللغة العربية وانا اقول سنة ولكن الرئيس بري قال اربعة اشهر ونصف ولم يقدمه الى مجلس الوزراء الا في اخر جلسة قبل الانتخابات النيابية. يومها، دخل الوزير طابوريان الى الجلسة وقال: انا عندي ملف طويل عريض، وكانت الحكومة في حال تصريف الاعمال قبل الانتخابات وبقي الملف معه.
 
جاءت الحكومة الحالية وتولى الوزير جبران باسيل مهام وزارة النفط فوجد مشروع القانون في الدرج اخذ القانون وعدل فيه نقطتين:
 
الاولى تتعلق بالهيئة التي تشرف على قطاع النفط في لبنان بحسب النروجيين وفي القانون الاساسي الذي حصل عليه الزميل علي حسن خليل النسخة الاساسية وحسب النروجيين يقولون: انتم في لبنان دولة ناشئة في التنقيب عن النفط وليس لديكم الخبرة للاشراف على مثل هذا الملف. لذلك يجب ان يكون هناك هيئة مستقلة بعيدة عن السياسة تأخذ القرارات الصائبة لتحديد امكان التنقيب وطرح دفتر الشروط واستدراج العروض لاحداث منافسة بين الشركات ورفعها الى مجلس الوزراء والنواب. ولكن الهيئة مستقلة.
 
هذا الامر لم يعجب الوزير باسيل وقال: لا للهيئة المستقلة انا الوزير. واعتبر نفسه هو المسؤول والقرار عنده.
 
النقطة الثانية هي الصندوق السيادي، يعني العائدات من النفط توضع في صندوق كما في كل دول العالم، ولكن هذا الصندوق لديه من الاستقلالية وبعيد عن السياسة، والمسؤول عنه هو مجلس الوزراء وايرادات مجلس الوزراء كلها تدخل الى وزارة المالية ووزارة المالية تكون مشرفة عليه. وعادة، المصرف المركزي يشرف عليه وهناك هيئة متخصصة هي تدير هذا المال. كما يقول النروجيون.
 
لكن الوزير باسيل يقول في اقتراحه: هذا الصندوق يكون عندي ويكون المستشارون رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ورئيس الحكومة يعني يصبح الرؤساء الثلاثة كمستشارين عنده بمعنى الصندوق السيادي يشرف عليه مجلس يرأسه رئيس الجمهورية بعضوية رئيس مجلس النواب ورئيس مجلس الوزراء صورة طائفية والمال عنده وهو يقرر اين وكيف يتم صرفه.. هذا لا يجوز وهذا خطأ..
 
مشروع القانون الذي عدله الوزير جبران باسيل احيل الى مجلس الوزراء منذ اربعة اشهر ووصل الى الرئيس الحريري واطلع عليه وجرى درسه وقلنا ان المشروع عظيم وحديث ومتطور ويحمي ثروات لبنان الطبيعية ويقوم على استدراج عروض من الشركات الكبرى والمنافسة لخير هذا البلد. ولكن من الصعب جدا ان توافق على هيئة يترأسها الوزير وصندوق سيادي برئاسة رئيس الجمهورية ومكون من ثلاثة رؤساء مستشارين عند وزير النفط حتى ولو كان جبران باسيل قديسا فيذهب جبران ويأتي غيره... لا يمكن حصر هذه الصلاحيات بشخص.
 
وماذا كان رأي الرئيس الحريري؟
 
- الرئيس الحريري الف لجنة برئاسته تضم وزراء، بينهم وزير النفط ووزير العدل ووزير المالية لدراسة هذا الموضوع للبحث في كيفية ارسال هذا المشروع المقدم من قبل الوزير باسيل الى المجلس النيابي. وحصل تأخير بسبب الانتخابات البلدية، وحصل كلام بأن هناك ثروة نفطية وان اسرائيل تعتدي على حقوق لبنان في هذا المجال. فقام النائب علي حسن خليل بأخذ المشروع وقدمه بشكل اقتراح الى مجلس النواب لحث الحكومة على اخذ قرار. وهنا أعود فأقول انه عندما اقر ترسيم الحدود البحرية اللبنانية، طبعا لا يمكننا التعامل مع اسرائيل فهي عدو وتحتل اراضٍ عربية وهي غير موجودة بالنسبة لنا فلا يمكننا الترسيم مع اسرائيل.. الشركة الانكليزية أنجزت ترسيم الحدود بين لبنان وبين اسرائيل وقالت ان على لبنان ان يأخذ هذا الترسيم ويرفعه الى الامم المتحدة حتى يؤكد حقه، وذلك من جهة لبنان فقط من دون الاتفاق مع الدول المجاورة لا يمكن الاتفاق مع سوريا ومع قبرص من دون الاتفاق مع اسرائيل.
 
في العامين ٢٠٠٦ و٢٠٠٧ راحت قبرص تنقب عن النفط في منطقة محاذية للمناطق اللبنانية الشركة التي رسمت الحدود الاقتصادية الحرة هي اهم شركة في العالم ولقد اتصلت بنا هذه الشركة وقالت حددنا مع قبرص وحددنا مع لبنان وقبرص تنقب في مناطق تابعة للبنان على الاقل عليكم وضع اتفاق ثنائي بينكم وبين قبرص. هذا الترسيم كان في عهدة وزير النقل آنذاك محمد الصفدي الذي سافر الى قبرص واجتمع مع القبارصة وتوصل الى اتفاق معهم فاعترض الاتراك القبارصة. فاشار علينا المحامي وهو نفسه محامي المجلس الاعلى للخصخصة وهو محامي الشركة الانكليزية - الاميركية وهي من اكبر الشركات في العالم الأستاذ كميل ابو سليمان ان نقدم القانون الى الامم المتحدة فيسجل لديها لنحفظ حق لبنان ولم يحصل ذلك وطلعوا بقصة جديدة وهي انه يجب ان يوافق مجلس النواب على ترسيم الحدود قبل ارساله الى الامم المتحدة.
 
ما كان دورك في هذا الملف؟
 
- انا ارسلت الملف كاملا الى الوزير وارسلت الملف بكامله ايضا الى الجيش اللبناني والجيش اللبناني عنده فرع جغرافي يتعلق بالحدود وافق عليه.
 
اسرائيل ماذا فعلت بالنسبة لهذا الموضوع؟
 
- قامت شركة اميركية اسمها نوبل بالتنقيب عن النفط في المناطق الاسرائيلية على الحدود الجنوبية اللبنانية. وطبعا لا احد يعرف اذا كان هذا الحقل يمتد الى لبنان ام لا.. ذهب المحامي ابو سليمان الى اميركا وقام مع مكتب المحاماة بتقديم دعوى في المحاكم الاميركية ضد شركة نوبل الاميركية كونها تنقب في مناطق قد تكون تابعة للمياه الاقتصادية اللبنانية.
 
من اقام الدعوى؟
 
- لبنان. لبنان ربط نزاع مع الشركة وليس مع الحكومة الاسرائيلية وتشير الدعوى الى ان كل بترول يستخرج من هذه المنطقة لبنان له حق فيه.
 
كل ما قام به الرئيس فؤاد السنيورة عند استلامه هذا الملف مع الوزراء الذين كانوا موجودين هو لحماية هذه الثروة اللبنانية. نحن نعرف ما عندنا من ثروات ونعمل على حمايتها منذ اليوم الاول من خلال الترسيم والتأكد من وجود النفط والغاز وتقدير المخزون واقامة الدعوى ووضع قانون الى ان وصلنا اليوم الى ما نحن عليه فالملف اليوم في مجلس الوزراء وفي مجلس النواب الذي قام به الزميل علي حسن خليل مشكورا عليه، ان اخذ الترجمة الاساسية للمشروع الاساسي وارسله الى مجلس النواب فسلط الضوء على المشكل الموجود. هناك مشكلة صلاحيات على حساب البلد.
 
هل باستطاعة لبنان ان يبلغ الامم المتحدة خرائط الترسيم البحرية من جانبه فقط من دون موافقة دول الجوار؟
 
- نعم باستطاعة لبنان ذلك وعندها الامم المتحدة تبلغ الدول المعنية..
 
اليوم الكلام كله حول التنقيب عن النفط في المياه الاقليمية والاقتصادية اللبنانية ألم تجرِ محاولات للتنقيب عن النفط في الاراضي اللبنانية خصوصا انه في الماضي قيل إن هناك نفطاً في منطقة سحمر ويحمر في البقاع؟
 
- لم يحصل ابدا وهناك من يقول لماذا لا يكون قانون التنقيب عن النفط يشمل التنقيب داخل الاراضي اللبنانية وليس فقط في المياه الاقليمية والاقتصادية اللبنانية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق